تصيب متلازمة رامزي هانت العصب الوجهي، وهي عدوى تسبب اضطراباً عصبياً يرجع إلى فيروس الحماق النطاقي، الذي يصيب أعصاباً بعينها في منطقة الرأس.

ويكون الفيروس خاملاً في الأعصاب لدى بعض من أصيبوا من قبل بجدري الماء، والذي ربما ينشط مرة أخرى بعد سنوات عدة، ويصيب العصب الوجهي مسبباً الإصابة بمتلازمة رامزي هانت.

يعاني المصاب بهذه المتلازمة، طفحاً جلدياً على شكل بثور، وضعف في عضلات الوجه، وهو ما يجعل البعض يظن أنه مصاب بجلطة، وفقدان للسمع في الأذن المصابة.

ينخفض خطر التعرض لأي مضاعفات مع خضوع المصاب للعلاج بشكل فوري، لأن التأخير في التعافي يترتب عليه ضرر دائم في عضلات الوجه والسمع.

وينصح بتجنب التعامل أو الاتصال القريب من المصابين بهذه المتلازمة مع بعض الأشخاص كحديثي الولادة أو الحوامل، وذلك على الرغم من أن متلازمة رامزي هانت، لا تعد من الأمراض المعدية. ونتناول في هذا الموضوع متلازمة رامزي هانت بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، وطرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.

يخلط البعض بين متلازمة رامزي هانت وشلل بيل، على الرغم من أن هناك بعض الاختلافات بين المرضين، فترجع الإصابة بشلل بيل إلى تعرض العصب الوجهي لضرر نتيجة عدوى فيروسية، فإن نوع الفيروس لم يتم تحديده، وإنما في متلازمة رامزي هانت فإن الفيروس المسبب للأعراض تمت معرفته.

ويشترك المرضان في ضعف أو شلل عضلات الوجه، غير أن المصاب بشلل بيل لا يعاني الطفح الجلدي الأحمر، الذي يظهر على المصاب بهذه المتلازمة، كما أنه يتسبب في آلام شديدة أكثر من شلل بيل.

طفح وبثور

يعد أبرز عرضين لمتلازمة رامزي هانت هو وجود طفح جلدي أحمر اللون، ويكون مؤلماً في أغلب الحالات، كما تصحبه بثور مملوءة بسائل على اللسان والحنك والأذن الداخلية أو الخارجية وطبلة الأذن، والعرض الثاني ضعف أو شلل بالوجه، ويكون في جانب الأذن المصابة.

ويمكن ألا يظهر الطفح الجلدي وشلل الوجه في نفس الوقت، إلا أنه في بعض الحالات يظهر أحدهما قبل الآخر، أو ربما لا يحدث طفح جلدي بشكل مطلق.

ويعاني المصاب بمتلازمة رامزي هانت في بعض الأحيان من ألم في الأذن وطنين، ويمكن أن يتطور إلى فقد حاسة السمع.

ويجد صعوبة في أن يغلق عيناً واحدة، ويمكن أن تتغير تعبيرات الوجه، كأن تظهر الابتسامة بصورة ملتوية، وربما أصيب الوجه بالتدلي.

ويشعر المصاب بدوخة أو دوار، كما أن حاسة التذوق لديه تتغير، وفي بعض الحالات يفقدها بصورة كلية، وإضافة إلى ذلك يعاني جفاف الفم والعينين.

نشاط فيروسي

ترجع الإصابة بمتلازمة رامزي هانت إلى إصابة سابقة بالفيروس الهيربيسي، والذي يكون في طور السبات في العديد من الخلايا العصبية، وفي ذات الوقت يكون مراقباً من الجهاز المناعي.

ويؤدي إحباط الجهاز المناعي بسبب الإصابة بأحد الأمراض إلى تفعيل الفيروس، والذي ينتقل إلى أطراف الخلايا العصبية، ومن هنا تظهر أعراض المتلازمة.

ويلاحظ أنه لا يعني أن البثور الجلدية لا تظهر أنه لا توجد إصابة بفيروس الهيربيس، ومن الممكن أن يتنبأ به قبل الإصابة من المنطقة الجلدية للأذن.

ويلاحظ أن الإصابة بمتلازمة رامزي هانت تنتشر لدى كبار السن، وفي العادة تصيب هؤلاء الذي تزيد أعمارهم على 60 عاماً، ومن النادر أن تصيب الأطفال.

تجنب التلامس

يمكن أن تسبب إعادة تنشيط فيروس جدري الماء النطاقي في أن يصاب بجدري الماء هؤلاء الذي لم يصابوا به من قبل، أو أنهم لم يتلقوا تطعيمات ضد هذا المرض، وبالنسبة لمن يعانون مشكلات في الجهاز المناعي فمن الممكن أن تكون العدوى خطرة عليهم.

ويجب عدم التلامس الجسدي قبل انتهاء قشرة بثور الطفح الجلدي مع أي شخص لم يصب من قبل بجدري الماء، أو تعاطي لقاح للمرض، وكذلك مع أصحاب الجهاز المناعي الضعيف، وحديثي الولادة والحوامل.

فقد السمع

يستطيع المصاب بمتلازمة رامزي هانت تجنب التعرض لأي مضاعفات إذا بدأ العلاج خلال أيام عدة من بداية الأعراض. ويمكن مع ذلك أن تعاني نسبة من المرضى فقداً دائماً في السمع وضعفاً في الوجه، على الرغم من سرعة العلاج وفاعليته. ويتسبب التأخر في علاج هذه المتلازمة في خطر فقد حركة الوجه بصورة دائمة، كما أنه من الممكن أن تحدث حركات خارج سيطرة المريض.

ويجد بعض المصابين أحياناً صعوبة في غلق عين واحدة، وهو الأمر الذي ربما أدي إلى ضرر في القرنية، وبالتالي يتسبب بألم في العين ومشاكل في الرؤية.

ألم عصبي

يمكن أن ينتشر الفيروس في أجزاء أخرى عصبية، كالحبل الشوكي والدماغ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الخمول وآلام الظهر وضعف الذراعين والساقين، مع الشكوى من الصداع، وربما احتاج المريض في مثل هذه الحالة إلى بزل قطني، وذلك حتى نحدد المناطق التي تأثرت من الجهاز العصبي. ويعاني بعض المرضى ألماً لمدة كبيرة، حتى بعد أن تختفي الأعراض، وهي الحالة التي تعرف باسم الألم العصبي التالي لفيروس الحماق النطاقي.

وتحدث هذه الحالة عندما تتسبب عدوى الهربس النطاقي في تلف بالألياف العصبية، وبالتالي تصاب الرسائل المرسلة منها بالتشوش، وتكون مبالغاً فيها، ويتسبب ذلك في ألم ربما يستمر مدة كبيرة، حتى بعد تلاشي الأعراض الأخرى لمتلازمة رامزي هانت.

العلامات المميزة

يستطيع الطبيب المعالج، تشخيص حالة المصاب بمتلازمة رامزي هانت من خلال العلامات المميزة لها، كضعف الوجه والطفح الجلدي. ويمكن أن يجري فحصاً للتوصيل العصبي، وذلك بهدف تحديد التضرر الذي أصاب العصب الوجهي، وأيضاً لمعرفة مدى إمكانية الشفاء.

ويجب الانتباه إلى أن كثيراً من الأطباء لا يصادفون مثل هذه الحالة كثيراً، وهو الأمر الذي يترتب عليه خطأ التشخيص. وتؤخذ أحياناً عينة من السائل الذي يوجد في أحد البثور الموجودة في الأذن حتى يؤكد التشخيص، ومن الممكن للطبيب أخذ قطعة أو عينة دموية.

وتعد صور الأشعة مفيدة، وبخاصة الرنين المغناطيسي؛ حيث تكشف عن تورم في أعصاب الوجه، كما يمكن لها مساعدة الطبيب في معرفة هل وصل الفيروس للمخ أو الأعصاب؟

مضادات وهرمونات

يساعد العلاج المبكر لمتلازمة رامزي هانت على إمكانية الشفاء التام، كما يخفف من الألم الذي يعانيه المصاب، ويجنبه خطر حدوث أي مضاعفات أخرى. ويمكن أن يستغرق الشفاء من هذه المتلازمة من أسابيع عدة إلى شهور عدة، لكن إذا تضررت الأعصاب بشدة فهناك احتمال لعدم الشفاء التام.

ويشمل العلاج الأدوية المضادة للفيروسات، والتي تكافح فيروس جدري الماء، ومن أمثلتها الأسيكلوفير وفامسيكلوفير وفالتريكس، وتوصف الهرمونات المنشطة للتورم والألم، وربما اضطر المريض لتناول أحد العقارات التي تحد من أعراض الدوار.

ويمكن وصف الكورتيكوستيرويدات، والتي تعزز من تأثير مضادات الفيروسات، كما تخفف الأدوية المضادة للقلق من أثر الدوار.

حقن البوتوكس

يصف الطبيب، مسكنات الألم للمرضى الذي يعانون آلاماً شديدة بسبب متلازمة رامزي هانت، والتي تصرف بوصفة طبية.

وينصح في الحالات التي يستمر لديها ضعف في عضلات الوجه على الرغم من انتهاء العلاج الدوائي، بالخضوع لجلسات علاج طبيعي، وذلك للمساعدة على استعادة العضلات بحالة سليمة. ويمكن أن تساعد حقن البوتوكس، وسم البوتولينوم من النوع «أ»، في الجفن العلوي المرضى الذين يعانون مشكلة إغلاق عين واحدة، وأيضاً يفضل استخدام رقعة للعين من أجل حمايتها.

تقليل المشاكل

يوصي الأطباء ببعض الإجراءات التي من الممكن أن تكون مفيدة في التقليل من المشاكل وحدة أعراض متلازمة رامزي هانت.

وتبدأ هذه الإجراءات بالمحافظة على نظافة المناطق التي تضررت من الطفح الجلدي، ويمكن أن توضع كمادات باردة ورطبة؛ وذلك بهدف تقليل حدة الألم.

وينصح بأن يتناول المصاب أحد المسكنات التي تصرف من دون وصفة طبية، أو أحد مضادات الالتهابات، كالأيبوبروفين. ويفضل استخدام نقاط العين المرطبة طوال اليوم عند صعوبة إغلاق إحدى العينين؛ وذلك حتى لا تصاب بالجفاف، وليلاً يوضع مرهم على العينين، ويمكن ارتداء غطاء على العين.

ويجب للوقاية من الإصابة بهذه المتلازمة، الحرص على تطعيم الأطفال بصورة روتينية ضد جدري الماء، وبالنسبة للأشخاص من عمر 50 سنة وأكبر فيوصى بتناول لقاح داء القوباء النطاقي.

والجدير بالذكر أن تسمية هذه المتلازمة؛ ترجع إلى طبيب الأعصاب الأمريكي جيمس رامسي هانت، الذي كان أول من وصف أعراض هذا المرض.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).